قصص عن حسن الظن بالله
يعد حسن الظن بالله من العبادات القلبية الحسنة التي يجب على المسلم أن يحرص عليها، بحيث ينبغي أن يملأ المؤمن بها قلبه وذلك في جميع أحواله وأن يصطحب هذه النية في جميع شؤون حياته حتى في المواقف الصعبة والقاسية والسيئة، حيث أن حسن الظن بالمولى عز وجل هو دليل على قوة اليقين بكل ما وعدنا الله به في الدنيا والأخرى، ولذلك يعد حسن الظن عبادة من العبادات التي يحبها الله ويرضاها ومؤشر على سعة كرم الله ورحمته.
وقد جاءت الكثير من الاحاديث النبوية الشريفة والأدلة من القران الكريم على ضرورة وأهمية حسن الظن بالله تعالى، ومن خلال مقالنا هذا يمكن الحصول على المزيد من المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع.
قصص عن حسن الظن بالله
روى النبي -صلى الله عليه وسلم- حسن الظن بالله:
(ثَلَاثَةٌ خرجواْ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ الْمَطَرُ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا اللهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ).
فَقَالَ الأول:
(اللَّهُمَّ إِنِّي كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَرْعَى، ثُمَّ أَجِي لهما بالحليب فَيَشْرَبَانِ، ثُمَّ أَسْقِي الصِّبْيَةَ وَأَهْلِي وَامْرَأَتِي، فتأخر ذات يومٍ عنهما حتى ناما وكره أن يوقظهما، وأطفاله يبكون ولم يشرهم حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، ثم قال: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، قَالَ: فَفَرَجَ عَنْهُمْ).
يحدِّث الْثاني:
(عن ابنة عم له يحبها كما يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فراودها عن نفسها فَلَمَّا قَعَد بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتِ له: اتَّقِ اللهَ وَلَا تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقام وَتَرَكْها، ثم قال: اللهمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً، قَالَ: فَفَرَجَ عَنْهُمُ الثُّلُثَيْنِ).
يحدَّث الثالث:
(عن أجير استأجره وبقي له مال، ثم جاءه بعد فترة وقاله له: أَعْطِنِي حَقِّي، فَأخذه إلى بَقَرٍ عنده وقال له: هذه لَكَ، فَقَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ بِي؟ قَالَ: فَقُلْتُ: مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ وَلَكِنَّهَا لَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا، فَكَشَفَ عَنْهُمْ).
اقرأ أيضًا: مفهوم عقوق الوالدين في الإسلام
أهمية حسن الظن بالله
حسن الظن بالمولى عز وجل من أهم العبادات التي يحبها الله تعالى، حيث أنها من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المسلم، وفيما يلي يمكن توضيح ذلك:
زيادة الإيمان والتقوى
عندما تتيقن أن الله تعالى سوف يقدر لك الخير في جميع شؤون حياتك يمكن أن يزيد هذا إيمانك بربك وبالتالي زيادة طاعاتك لن طمعاً بما عند الله -تعالى- من الحصول على الأجر والثواب والخير، حيث أن المسلم يجب أن يكون عند حسن ظنه بربه وان يوقن بفرج الله تعالى حتى في الظروف والأوقات القاسية الصعبة، والدليل قال تعالى: (وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُون* وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِين).
شدة الاجتهاد والطاعة
حسن الظن بالله يكون دليل على شدة الإيمان بالله تعالى والطاعة، ويقول الله تعالى في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء)، ولذلك أن علم العبد أن كل ما قد يظنه بالله -تعالى- من خير فإن الله تعالى سوف يعطيه إياه، ولذلك يجب على المسلم أن يجتهد في عبادة الله تعالى وان يحسن الظن به في الدعاء والطاعات وغفران الزلات، كما يجب على المسلم أن يلج الدعاء بالله تعالى ويصبر على استجابة الإجابة، وذلك لأن هذا قد يحدد نتيجة حسن ظنه بالله تعالى بشكل عام في إجابة دعواته بمختلف شؤون حياته، والدليل قال -عليه أفضل الصلاة والسلام-: (لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يحسنُ الظنَّ باللهِ عزَّ وجلَّ).
حسن الخاتمة عند الموت
حسن الظن بالمولى تعالى قد يكون سببًا في الموت على طاعة الله تعالى وقد قال -تعالى-: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين) ولذلك يمكن توضيح كونه من عاش على عبادة حسن الظن بالله قد يموت عليها أيضًا، ولذلك فإن فضل هذه العبادة لم يكن قاصرًا على الدنيا فقط بل قد يكون أيضًا عند وفاته، ولذلك فمن صدق في حسن ظن الله في الدنيا سوف يحسن الله خاتمته في الآخرة وعمل بها، وبالتالي قد يطعي الله كل عبد مسلم وفقًا لحسن ظنه بالله تعالى على أن يموت على عمل صالح أو نية صالحة مخلصة لله عز وجل، والدليل قال -تعالى-: (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ).
اقرأ أيضًا: فضل التكبير في صلاة العيد وأحكامه
طهارة القلب والجوارح
حسن الظن بالمولى تعالى من العبادات العظيمة التي يحبها الله تعالى التي تشترط الإخلاص فيها، بمعنى أن يقصد الله تعالى وحده في القلب وذلك في القول والعمل، بشكل عام، بحيث قد لا يصح الإخلاص بأحدهما دون الآخر، ولذلك على المسلم أن يقصد الله تعالى وحده في جميع الأعمال التي يقوم بها والأقوال ولا يكون هذا فقط في أعمال القلب، حيث أنه قد يشمل العمل والجوارح والفعل، حيث أن حسن الظن بالله تعالى يؤمن أن يدفع المسلم إلى أن ينقّي قلبه بشكل عام من جميع مفاسد النوايا الأخرى.
بالإضافة إلى كونه قد يدفعه إلى أن يصلح أعماله في الدنيا ومن ثم ينال ثواب حسن ظن بالله تعالى، والدليل على ذلك قال -تعالى-: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ* الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).
الرضا والتسليم بأقدار الله
شرط قبول الأعمال عند الله تعالى أن تكون خالصة لله وحده دون سواه، بحيث على المسلم أن يرضى بجميع أقدار الله عز وجل وأن يحسن الظن به في الدنيا والآخرة حتى في أصعب فترات حياته، ينبغي أن يثق أن مع العسر يسرا والله تعالى سوف يمنحه الخير والبركة وأن يعوضه عن كل شر، ولذلك على المسلم أن ينوي الخير ويحسن الظن بالله على أن تكون نواياه خالية من أي شرك والرياء بالقلب والقول والعمل، وذلك حتى تكون موافقة للسنة النبوية، والدليل على ذلك قال -تعالى-: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ).
الأخذ بالأسباب
حسن الظن بالمولى يمكن أن يشمل الاخذ بالاسباب وذلك لكون المسلم أن احسن الظن بربه وحسن العمل، كما قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي)، وقد قال القاضي عياض: “قيل: معناه بالغفران له إذا استغفرنى، والقبول إذا أناب إليّ، والإجابة إذا دعاني، والكفاية إذا استكفانى، لأنَّ هذه الصفات لا تظهر من العبد إلا إذا أَحسن ظنه بالله وقوى يقينه).
حسن الظن بالله من العبادات العظيمة التي يجب على المسلم أن يحرص عليها في كل الأوقات سواء بالقلب أو بالجوارح، حيث أن الله تعالى عند حسن ظن عبده له، حيث أن من يظن بالله خيرًا سوف يرزقه الله ويحسن إليه ويوسع عليه الخير في الدنيا وفي الآخرة سوف يرحمه ويضاعف أجره، وعلى المسلم أن يعي كون الله لم يخلقه ليعذبه وإنما يعطيه ويرزقه الخير ويضاعف أجره، وهذا ما تعرفنا عليه عبر مقالنا هذا.