يرغب الجميع في معرفة ما هو اللحن في اللغة العربية؟ حيث أن للحن معاني كثيرة منها ما اصطلح النحاة عليه وهو مخالفة العرب بسنن كلامهم أو كما ابن فارس يقول بأنه إمالة الكلام عن جهته الصحيحة باللغة العربية، أيضاً الكثير من الباحثين يميلون إلى أن اللحن لم يكن معروف بالعصر الجاهلي بينما شاع بالعصر الإسلامي بالمدينة، ويرجع ذلك بسبب اختلاط العرب بغيرهم ودخول أفواجاً من الأعاجم بدين الله واتصال العرب بجميع الأمم المجاورة، حيث أن اللغة العربية نشأت بربوع جزيرة العرب نقية سليمة خالصة لأبنائها لا خلط فيها ولا لوثة وظلت كذلك أحقاب طويلة بعيدة عن اللحن في اللفظ والقول.
ما معنى اللحن في اللغة العربية؟
يعني اللحن في اللغة العربية بأنه الانحراف عن القواعد الصرفية والنحوية المعتمدة أو الخطأ بتطبيقها ويتضمن اللحن عدة أنواع يمكن أن يتم تقسيمهم إلى لحن خفي ولحن جلي، أيضاً اللحن يعرف بأنه خروج الكلام الفصيح عن الصحة في إعرابه أو تركيبة أو في بنية الكلام وذلك بفعل الاستخدام الشائع بين عامة الأشخاص وبعد ذلك يتسرب للغة الخاصة.
كما أن اللحن قد طرأ على اللغة العربية منذ بداية الإسلام ثم طغى عليه فترة حكم الأمويين ويرجع ذلك لكثرة المخالطين إلى العرب من الأعاجم الذين قاموا بهجر لغتهم واستخدموا لغة الفاتحين بحكم الغلبة، فإن الأشخاص تبع للسلطان خاصة إن كان للغة العربية صبغة دينية لنزول بها القرآن الكريم، ولما كثر الدخلاء وعمت المخالطة بين العرب جر ذلك لإهمال الإعراب الذي يكون هو تغيير أواخر الكلام لكثر ما يعترض المتكلمين من الخطأ لذا جانبوه وهجروه جملة.
بالإضافة إلى أن اللغة العربية تعرضت لأشياء أخري مثل التحريف والتصحيف وضروب الإمالات والنغمات والأجراس المختلفة من الترقيق والتفخيم والاختلاس والإشباع والهمس والنير والحذف والإثبات وغيرها مما يرجع لكيفية النطق.
مظاهر اللحن في اللغة العربية
تعتبر من أهم الظواهر اللغوية التي تثير اهتمام المجودين واللغويين على حد سواء، فقد يشير اللحن للانحراف والخطأ عن القواعد الصحيحة للصرف والنحو وهو ما يظهر بالقراءة والكلام على حد سواء، كما أن من مظاهر اللحن النحوي المعروفة هي استعمال صيغة جمع المذكر السالم بغير موضعها السليم مثل استخدام المدرسين بدلاً من المدرسون أو القيام بالخلط بين حروف الجر مثل استعمال حرف في بدلاً من استخدام إلى، بينما اللحن الصرفي فقد يظهر باستخدامه صيغة الفعل بطريقة غير صحيحة.
بالإضافة إلى أن اللحن يعد من أحد الأمور التي يلزم تفاديها لضمان القراءة الدقيقة والصحيحة للقرآن الكريم، واللحن بالتجويد قد يكون جلياً وهو الخطأ الواضح الذي يغير من معنى الآية مثل القيام بتغيير حركة الكلمة أو قد يكون خفياً وهو الخطأ الذي لا يغير من المعنى ولكنه قد يخل بالقواعد التجويدية عدم القيام بتطبيق الغنة بمكانها الصحيح، أيضاً يتطلب تصحيح اللحن إلى الدراية الدقيقة بأحكام التجويد والقواعد الصرفية والنحوية وهو ما يؤكد على ضرورة الممارسة الجيدة والتعليم المستمر للغة العربية.
أقسام اللحن في اللغة العربية
يمكن أن يتم تقسيم اللحن في اللغة العربية لقسمين وهما:
اللحن الجلي
يعتبر اللحن الجلي هو الخطأ الذي يطرأ على اللفظ فيخل بالإعراب أو المعنى مثل ضم تاء أنعمت في قول الله تعالى {صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ} [الفاتحة: 7] مما أدى للإخلاء بالمعنى، ايضاً من أمثلة الإخلاء بالإعراب بنفس الآية كسر طاء صراط، كما أن حكم هذا اللحن يكون حرام بالإجماع وذلك باستثناء ما كان بمجلس علم أو من يوجد في لسانه عجمة أو عوج خلقي أو العجوز الذي لسانه تخشب، بالإضافة إلى أنه سمي جلياً لأنه خطأ ظاهر وعامة الأشخاص تعرفه ويمكن أن يكون في الكلمات والحركات والحروف كما يلي:
اللحن الجلي بالحروف
يكون له 3 أشكال وهما إبدال حرف بآخر مثل إبدال حرف الثاء بالسين في قول الله تعالى {ثَيِّبَٰتٖ} [التحريم: 5] أو إنقاص حرف مثل نقصان حرف الياء من قول الله تعالى {وَٱخۡشَوۡنِي} [البقرة: 150] أو القيام بإضافة حرف مثل إضافة حرف الياء لقول الله {دَعَانِ} [البقرة: 186].
اللحن الجلي بالحركات
يمكن أن يكون هذه النوع من اللحن الجلي من خلال استبدال حركة بحركة مثل إبدال الفتحة بالضمة بكلمة أنعمت في قول الله تعالى {أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ} [الفاتحة: 7] أو ابدال حركة بسكون مثل استبدال الفتحة إلى سكون بكلمة بيتي من قول الله تعالى {أَن طَهِّرَا بَيۡتِيَ} [البقرة: 125] أو القيام باستبدال سكون بحركة مثل استبدال السكون بالفتحة بكلمة عهدي في قول الله {عَهۡدِي ٱلظَّٰلِمِينَ} [البقرة: 124].
اللحن الجلي بالكلمات
قد يكون عن طريق استبدال كلمة بأخرى مثل إبدال كلمة الكريم بكلمة العظيم بقوله تعالى {رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡكَرِيمِ} [المؤمنون: 116] أو إنقاص كلمة مثل إنقاص من بقول الله تعالي {تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ} [البقرة: 25] أو القيام بإضافة كلمة مثل إضافة من لقول الله {تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ} [التوبة: 100].
اللحن الخفي
حكم اللحن الخفي حرام إذا الحرف أخرج عن حيزه أو كان على سبيل المشافهة والتلقي، أما إن كان على سبيل التلاوة المعتادة يكون معيب بحق المتقن ولا يكون على عامة المسلمين إثم، كما أن اللحن الخفي يكون هو الخطأ الذي يطرأ على اللفظ فيخل بصفاته بدون أن يخرجه عن حيزه، وقد سمي خفياً نظراً لخفاؤه عن عامة الأشخاص، ويمكن أن ينقسم لقسمين وهما كما يلي:
- بسيط الخفاء وهو الخطأ البسيط الذي يعرفه عامة القراء مثل ترك الغنة بالنون والميم المشددتين أو قصر المد اللازم أو إظهار المدغم والمخفي أو إدغام المظهر أو عدم الإتيان بالقلقلة بحروفها وغيرها.
- شديد الخفاء وهو الخطأ الذي لا يعرفه إلا خاصة القراء وهو يكون عدم الإحكام في التلاوة بأدق صورها مثل زيادة مقدار الغنة أو المد عن حدها اللازم أو إنقاصها أو الترقيق أو المبالغة بالتفخيم وغيرها.
تابع المزيد: عدد قواعد اللغة العربية
مظاهر اللحن بعصر الإسلام
إن مظاهر اللحن اللغوي اتسعت وتنوعت بداية من صدر الإسلام واللغة الفارسية قد كانت من أكثر اللغات التي قد أثرت على اللحن في اللغة العربية لاسيما عند اختلاط المسلمين بالفرس بالعراق مثل عبيد الله بن زياد الذي كان والي العراق وينطق العربية غير الفصيحة، ويرجع ذلك لأنه نشأ بالأساورة مع مرجانه أمه وكان قد زوجها من شيرويه الأسواري، بجانب أن من مظاهر لكنته أنه كان ينطق الكاف بدلاً من القاف والهاء بدلاً من الحاء.
كما أنه يوجد مظهر آخر من المظاهر المتعلقة باللحن بعد ظهور الإسلام وهو يكون إيثار السلامة بترك الإعراب والقيام بتسكين أواخر الكلمات، وهذه الظاهر قد شاعت عند الأميين الذين لا يحسنون الضبط والإعراب مثل إسماعيل بن أبي خالد الكوفي الذي كان طحاناً وذكر أنه ينطق الأسماء الخمسة على حالها الذي يكون مرفوع دائماً.
في ختام هذا المقال نكون قد تعرفنا على ما هو اللحن في اللغة العربية بجانب معرفة أقسام اللحن باللغة العربية وهما اللحن الخفي واللحن الجلي.