تبدأ مراحل تطور علم النحو بمرحلة مبكرة بعد نزول القرآن الكريم، حيث ظهرت الحاجة إلى فهم دقيق للألفاظ والعبارات لضمان التفسير الصحيح للمعاني، في البداية، كان العلماء يقتصرون على قواعد بسيطة تهدف إلى الحفاظ على صحة النطق والكتابة.
ومع مرور الوقت، ظهرت مدارس نحوية مختلفة مثل المدرسة البصرية والكوفية، التي أضافت قواعد أكثر دقة في تحليل الجمل وتفسير تركيبها، في العصر العباسي، بدأت جهود العلماء تتزايد لتطوير علم النحو بشكل موسع، مما أدى إلى تدوين القواعد في كتب مستقلة، مثل كتاب سيبويه، ومع تطور اللغة العربية، تطور علم النحو ليصبح جزءًا أساسيًا من دراسة اللغة والبلاغة.
ما هي مراحل تطور علم النحو
علم النحو يمر بعدة مراحل في تكوينه، حيث أن العلماء العرب على مر العصور الدور كانوا الأهم في الوصول لعلم النحو الذي نراه في وقتنا الحالي من علم شامل له فروعه، حيث تشتمل مراحل تطور علم النحو على ما يلي:
مرحلة الوضع والتكوين
تم إنشاء علم النحو في أول الأمر بالبصرة، وذلك كان بداية من عصر “أبو الأسود الدؤلي” وصولًا إلى عصر “الخليل بن أحمد الفراهيدي” بعدها تم البدء في مرحلتين من العلماء وهما:
أول مرحلة
- تلك المرحلة من مراحل تطور علم النحو تم أخذ فيها العلماء من أي الأسود الدؤلي، كما أنهم وصلوا إلى العديد من الاستنباطات للعديد من القواعد، إضافة إلى أنه كانوا يسعون إلى تعليمها للأشخاص ونشرها بينهم.
- كما أنها تم وصفها بتواجد نوعين من العلماء، أول نوع أو ما يعرف بالجيل الأول من العلماء كانت مدته من خصائصها هي قلة الإنتاج، حيث أنه تم الاعتماد على رواية المحفوظ والمسموع، فلذلك تم انعدام فرصة التنوع بين العلماء بالمسائل النحوِية، كما تم إستنتاج انعدام المؤلفات، وذلك بسبب عدم وجود أي جديد، حيث أن كل المتناول عبارة عن مسموع ومنقول.
- من علماء تلك المرحلة الشهيرين عبد الرحمن بن هرمز، وعنبسة بن معدان الفيل، ونصر بن عاصم الليثي.
ثاني مرحلة
- تم ظهور القواعد النحوية الحديثة، إضافة إلى أنه تم إجراء العديد من النقاشات بين العلماء، وتم البدء في تأليف الكتب التي مزجت بين الصرف والنحو والأدب واللغة، حيث أن تلك المدة تعد مدة النضج.
- كان هذا خلال الفترة العباسية، ومن أهم علماء تلك الفترة عيسى بن عمر الثقفي، وعبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي.
مرحلة النمو والنشأة
تلك المرحلة في مراحل تطور علم النحو تميزت بتواجد تعاون كبير بين علماء الكوفة والبصرة، حيث أن تلك المساعدة لعبت دور مهم وكبير في تطوير علم النحو، قام العلماء بالتركيز في تلك المرحلة على بناء الكلمة وليس أواخرها فقط، وذلك حتى يتمكنون من المحافظة عليها من التحريف واللحن بالنطق.
كما أن العلماء في تلك المرحلة استمروا في البحث والتقصي فيما ورثوه من المأثور عن العرب، والتفكير لكي يتم استخلاص القواعد، ومن العلماء المشهورين في تلك المرحلة سيبويه الذي كان تلميذ الخليل بن أحمد الفراهيدي.
مرحلة النضج
تلك المرحلة تميزت بكثرة الإنتاج النحوي، إضافة إلى انتشار الآراء والنقاشات، كما أن علماء بغداد قاموا بالإشتراك في تلك في المرحلة مع علماء الكوفة والبصرة، كما أن تلك المرحلة تم وصفها بالنضج بسبب مواصلة العلماء فيها لخطى كل من سبقوهم من علماء، حيث أنهم استندوا إلى التوضيح والتفسير والشرح الذي شمل كل التعريفات، وزادت الاصطلاحات فيه.
خلال تلك المرحلة تم فصل علم الصرف عن علم النحو، كما أن علم النحو بلغ ذروته وتم توضيح كل قواعده وزاد المؤلفات والعلماء فيه، ومن أهم علماء تلك المرحلة هم المازني أبو حاتم السجستاني، وأبو عمر الجرمي، إضافة إلى يعقوب بن السكيت وغيرهم من العلماء.
مرحلة الترجيح
تم بدء تلك المرحلة بين القرن الرابع والقرن السادس الهجري، حيث أن تلك المرحلة تعتبر حصيلة جهد العلماء النحويين بكل المراحل السابقة لعلم النحو، فقط تم التقليل من النزاع بين العلماء، وتم إنشاء المدرسة البغدادية في تلك المرحلة، إضافة إلى أنه تم البدء في ظهور مدارس نحوية أخرى تم تسميتها على حسب المكان الذي قامت بالبدء فيه، وهنا نكون تحدثنا عن كل مراحل تطور علم النحو التي جعلت علم النحو في تطور دائم.
الأسباب التي حتمت نشأة علم النحو
يعتبر اللحن الذي أصاب اللغة العربية بعد أن تم انتشار الدين الإسلامي من أبرز الأسباب التي احتاجت إلى ضرورة وضع قواعد إلى اللغة العربية وتكوين الجمل التي تمثلت بعلم النحو، حيث أن انتشار اللحن كان ينذر بأخطار عديدة، ومنع انتشاره كان له دوافع كثيرة تشتمل على ما يلي:
- الدافع الديني الذي يعتبر من أبرز الدوافع التي دفعت إلى وضع علم النحو، حيث أن علماء المسلمين كانوا يخافون من أن يتسرب اللحن والتحريف للقرآن الكريم.
- كذلك الدافع القومي الذي كان يركز على المحافظة على الهوية العربية، ومن خلاله تم تكوين اللغة العربية التي تعد لغة العرب التي تنطق بها ألسنتهم، حيث أن العرب اعتزوا بلغتهم العربية، ورغبوا في الحفاظ عليها.
- الدافع الاجتماعي، حيث أن شعوب متنوعة دخلوا في الإسلام وحاولوا تعلم اللغة العربية، ولأنهم كانوا مختلفين عن العرب الذين ينطقون اللغة العربية بكل طلاقة لأنها تعتبر لغتهم الأم التي يجيدونها، كان من المهم أن يتم وضع قواعد للغة تساهم في ضبط ألسنتهم، وتعلمهم اللغة.
تابع المزيد: عدد قواعد اللغة العربية
أشهر القصص التي رويت عن سبب وضع علم النحو
من القصص الشهيرة التي تم روايتها عن الأسباب التي دفعت إلى وضع علم النحو، أن أبا الأسود الدؤلي خلال السير مر على رجل يقوم بقراءة القرآن الكريم، وسمعه يقرأ قول الله تعالى: (إنّ اللهَ بريءٌ من المشركين ورسولَه) وقرأ الرجل كلمة “رسولَه” مجرورة، وذلك يعني أنها معطوفة على (المشركين) وذلك يعتبر خطأ كبير يغير المعنى، حيث أن كلمة رسوله تكون معطوفة على كلمة “الله” وليس المشركين.
وتعتبر تلك من الروايات الشهيرة عن نشأة علم النحو، حيث أن تلك الرواية التي تتحدث عن أن علي بن أبي طالب أشار على أبي الأسود الدؤلي بأن يقوم بوضع علم النحو، وذلك كان بعد أنه علمه بأن الاسم هو الذي أنبأ عن المسمى، والفعل هو الذي أنبأ عن حركة المسمى، ويكون الحرف الذي أنبأ عن معنى بغيره، كما أن الرفع يكون للفاعل وما يشتبه به، إضافة إلى أن النصب يكون إلى المفعول وما حمل عليه، ويكون الجر إلى المضاف وما يتناسب معه.
قال له: انح ذلك النحو يا أبا الأسود، أي اسلك تلك الطريقة واتبعها، فتم تسميته بالنحو.
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا والذي من خلاله تم التعرف على أهم مراحل تطور علم النحو، حيث أن علم النحو يسعى إلى تحديد جميع أساليب تكوين الجمل، وجميع مواضع الكلمات فيها، وأيضاً الخصائص التي تحصل عليها الكلمة من الموضع الذي تم إيجادها فيه، سواء كانت هذه الخصائص نحوية منها الابتداء والفاعلية والمفعولية.