تبسيط اعراب بسم الله الرحمن الرحيم

عندما تشرع في رحلة فريدة لاستكشاف اعراب بسم الله الرحمن الرحيم، تلك الجملة القرآنية البديعة التي نستهل بها جل أعمالنا، فإن الأم لا يقتصر على مجرد قواعد نحوية جافة، بل يتعداه إلى فهم عميق لدلالاتها المتعددة، وكيف تترابط كلماتها لتشكل نسيجاً لغوياً غنياً يفيض بالمعنى، وستجد أن تبسيط هذا الإعراب يفتح لك آفاقًا جديدة في فهم لغة القرآن.

تفاصيل اعراب بسم الله الرحمن الرحيم

للغوص في أعماق الإعراب القرآني نكشف الآن تفاصيل اعراب بسم الله الرحمن الرحيم خطوة بخطوة من خلال موقع عش العربية مسلطين الضوء على الجوانب الدقيقة التي يختلف فيها النحاة ويتفقون، لتقديم صورة واضحة ومبسطة لهذه الجملة المباركة كالتالي:

اعراب بسم الله الرحمن الرحيم
اعراب بسم الله الرحمن الرحيم

إعراب “بسم”

تُعد كلمة “بسم” نقطة الانطلاق في اعراب بسم الله الرحمن الرحيم، وهي تحمل في طياتها دلالات عميقة وتفاصيل نحوية تستحق التأمل.

حرف الباء

حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، يحمل معاني الاستعانة كأن نقول “أستعين بالله”، أو المصاحبة بمعنى “مصحوباً باسم الله”.

متعلق الجار والمجرور

يمثل هذا الجانب محور خلاف بين المدارس النحوية، ولكل منها حجتها في تقدير المحذوف كالتالي:

  • رأي البصريين أنهما يتعلقان بمحذوف تقديره “ابتدائي”، حيث يكون المحذوف مبتدأ و”بسم الله” خبره، فالباء هنا متعلقة بالكون والاستقرار، أي “ابتدائي كائن بسم الله”.
  • أما رأي الكوفيين أنهما  يتعلقان بفعل محذوف تقديره “ابتدأت” أو “أبدأ”، ويكون الجار والمجرور في محل نصب بهذا الفعل المقدر، وقد أيد الإمام الرازي هذا التقدير لكونه فعلاً مؤخراً مثل “أولي”.

سبب الحذف والتقدير

يعود هذا الحذف (سواء للاسم أو الفعل المقدر) إلى كثرة الاستعمال والشيوع العظيم للبسملة، مما أغنى عن ذكر المتعلق الصريح، فالعرب تستغني عن ذكر ما دل عليه الكلام.

إعراب كلمة “اسم”

اسم مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة الظاهرة تحت الميم، وهو مضاف لفظاً، ومعنىً لما بعده، والألف “اسم” وتتميز ألف كلمة “اسم” بظاهرة الحذف والإثبات تبعاً للسياق:

  • حذف الألف في البسملة التامة حيث جاء هذا الحذف من الخط لا من النطق لكثرة الاستعمال في البسملة الكاملة، والألف هنا هي ألف وصل (أو همزة وصل) تسقط في وصل الكلام، ودليل ذلك سقوطها عند تصغير الكلمة، حيث تقول “سُمَيّ”.
  • إثبات الألف في حالات أخرى إذ تُثبت الألف إذا لم تكن البسملة تامة (مثل قولك “باسم الرب”)، أو عند دخول حرف جر آخر غير الباء (مثل قولك “لاسم الله”، و”ليس اسم كاسم الله”)، وذلك لقلة الاستعمال في هذه الحالات.

لغات كلمة “اسم” وأصلها

تتعدد لغات كلمة “اسم” في العربية، وله خمس لغات مشهورة:

  • “سِم” (بكسر السين وضمها).
  • “اِسْم” (بكسر الهمزة وضمها).
  • و”سَمِيّ” (مثل ضُحَيّ).

وقد تباينت آراء النحاة حول أصل هذه الكلمة:

  • عند البصريين أنهم يرجحون أنها مشتقة من “سَمَا” (السمو والعلو)، فالمحذوف منها لامه، ويدل على ذلك جمعه على “أسماء” و”أسامي” وفي تصغيره “سُمَيّ”.
  • عند الكوفيين أنهم يرون أن أصلها “وَسْم” (من الوسم وهو العلامة)، وهذا صحيح في المعنى لكنه يثير بعض الاختلاف الاشتقاقي.

اقرأ المزيد: ما هي علامات اعراب الفاعل

إضافة “اسم” إلى “الله” ودلالاتها

هذا التساؤل العميق كيف يضاف “الاسم” إلى “الله” والله هو ذات الاسم، أفرز ثلاثة أوجه من التأويل:

  • الوجه الأول أن “اسم” هنا بمعنى “التسمية”، أي التلفظ بالاسم، والتسمية تختلف عن الاسم ذاته الذي هو لازم للمسمى.
  • أما الوجه الثاني فهو وجود مضاف محذوف، تقديره “باسم مسمى الله”، ليصبح المعنى “ابتدائي بذكر مسمى الله”.
  • بالنسبة للوجه الثالث فهو أن “اسم” جاءت زائدة لتوكيد المعنى وتجميل اللفظ، وهو ما يعرف بزيادة الحرف لغرض بلاغي.

إعراب “الله”

يُعد لفظ الجلالة “الله” جوهر البسملة، إذ يحمل في تركيبته اللغوية أسرار ودلالات عظيمة، وهو يعرب لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.

أصل لفظ الجلالة “الله” واشتقاقه

الأصل اللغوي لهذا الاسم العظيم هو “الإله” حيث حذفت همزته وعوض عنها بأل التعريف، كما ألقيت حركة همزة “الإله” المتبقية على اللام المعرفة فسكنت وأدغمت في اللام الثانية، لتشكل لفظ الجلالة بصورته المعروفة، و”الإله” مصدر في موضع المفعول.

أي “المألوه” أو “المعبود” وهو مشتق من الفعل “أله يأله” إذا عبد، وقيل أصل الهمزة واو؛ لأنه من “الوله”، فـ”الإله” من تتوله إليه القلوب وتتحير في عظمته، وقيل أصله “لاه” على وزن “فَعَل” ثم أدخلت عليه الألف واللام.

إعراب “الرحمن” و”الرحيم”

صفتان كريمتان تتبعان لفظ الجلالة وهما تحملان في تركيبهما وإعرابهما دلالات بلاغية ونحوية متفردة، تساعدك على فهم أعمق لاعراب بسم الله الرحمن الرحيم وإليك إعراب الصفتين كالتالي:

اعراب بسم الله الرحمن الرحيم
اعراب بسم الله الرحمن الرحيم
  • الرحمن صفة لله عز وجل، مجرورة بالكسرة الظاهرة على النون.
  • الرحيم صفة ثانية لله عز وجل (صفة بعد صفة)، مجرورة بالكسرة الظاهرة على الميم.

اشتقاقهما وظواهر صوتية فيهما

كلاهما صفتان مشتقتان من أصل “الرحمة” وتدل على سعة رحمة الله تعالى وعميم إحسانه، ويعود تشديد الراء فيهما إلى ظاهرة الإدغام؛ فقد قُلبَت لام التعريف إلى راء ثم أدغمت في الراء الأصلية للكلمة، وقد تم حذف ألف “أل” في النطق حيث اختفت هذه الألفات في وصل الكلام لأنهما ألفا وصل دخلتا على لام شمسية (الراء) أدغمت فيها، وهي قاعدة تشمل ثلاثة عشر حرفاً تسمى الحروف الشمسية.

شاهد أيضًا: اعراب الفعل المضارع المعتل الاخر

ترتيبهما ودلالاتهما البلاغية والنحوية

لتفهم اعراب بسم الله الرحمن الرحيم بشكل شامل يجب أن تدرك أن ترتيب الصفتين يحمل دلالات بلاغية ونحوية عميقة منها الآتي:

  • العلاقة بين الصفتين ولفظ الجلالة حيث يرى بعض النحاة رأياً مفاده أن “الرحمن” بدل من اسم الله (وليس نعتاً له)، و”الرحيم” نعت لـ”الرحمن”، وذلك لأن البدل يتقدم على النعت في التركيب.
  • تقديم اسم الذات حيث قُدم اسم الذات “الله” عليهما لأنهما اسما صفة، والذات مقدمة على الصفة في الأهمية والدلالة.
  • تقديم “الرحمن” على “الرحيم” إذ قُدم “الرحمن” على “الرحيم” لخصوصيته؛ فهو اسم لا يطلق إلا على الله تعالى، بخلاف “الرحيم” الذي يمكن أن يوصف به البشر، والخاص مقدم على العام في الذكر.

تجلت لك في اعراب بسم الله الرحمن الرحيم عظمة اللغة ودقائق المعنى، هذا التبسيط يفتح آفاق فهمٍ أعمق، مؤكداً أن الإعجاز اللغوي يتجلى في كل كلمة من كلمات الكتاب المبارك.

أسئلة شائعة حول اعراب بسم الله الرحمن الرحيم

ما إعراب كلمة الله في جملة؟

إعرابها يتبع موقعها، فمثلاً في “بسم الله” تُعرب مضافاً إليه مجروراً بالكسرة.

ما إعراب عبد الله؟

عبد” تُعرب حسب موقعها (فاعل، مفعول به، إلخ) وتكون مضافاً، أما “الله” مضاف إليه مجرور بالكسرة، مثال “جاءَ عبدُ اللهِ” (“عبدُ”: فاعل مرفوع ومضاف، “اللهِ”: مضاف إليه مجرور).

ما إعراب كلمة “معاذ الله” في الجملة؟

“معاذ” مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره “أعوذ” (أي: أعوذ معاذَ اللهِ)، وهو منصوب ومضاف، وبالنسبة للفظ الجلالة “الله” فهو مضاف إليه مجرور بالكسرة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.